- إلا من أتى الله بقلب سليم -
تدور حركة الحياة ونحن في غفلة عن الحقيقة المريرة على أنها لا تدوم أبدا، فكم تكبر أناس هم الآن في التربة المظلمة، لا الشمس تنورهم ولا القمر يؤنسهم، ندموا على كل ما ارتكبوا، من لبسهم رداء المتكبر الجبار إلى تحقيرهم لعظمة شريعة القهار، فيا حسرة عليهم! ضيعوا عقولهم في النظر إلى الدنيا، تفلسفوا فيها بغير سلطان أتاهم، تبرأنا من نظرتهم الباطلة.
أما وجهة نظر المسلم للحياة فإنما هي جسور قصيرة يمر بها في رحلته لتواصله إلى دار البقاء، يلتمس فيها زادا للعودة إلى الجنان، ويقدم ما وصل إليه من إرشاد المنان على حيلة عقول الإنسان، فطوبى لمن استسلم واستراح باله عند مواجهة تغيرات الأقدار، وضميره حي بذكر الرحمن، لا تضره في أمره لومة لائم، يتقي ربه ليلا ونهارا، فوقاه ربه من الوقوع في تباب.
فهل رأيتم أحسن زاد للراحل من مداومة النزول بفيناء أهل العلم والحضور عند مجلسهم؟ فقد شبه المبعوث فينا - صلى الله عليه وسلم - مجالسهم بروضات الجنة، وكلما نزل بهم السائر اغترف منهم، فامتلأ قلبه يقينا وعقله خضوعا، ما كان يمشي في الأرض مرحا، سلم الناس من يده ولسانه، كريما نافعا لأسرته ومجتمعه، حتى إذا وافته المنية وهو يأتي ربه بقلب سليم.
No comments:
Post a Comment